مقال فلسفة أبهر المصحح ونال 16.5 ونابغة في الفيزياء حصل على 18.5
حظر التجوال في القاعات.. استعمال الهاتف النقال وشرب القهوة في جولة استطلاعية لأحد مراكز تصحيح أوراق امتحان شهادة البكالوريا لدورة جوان 2011، أمس، وقفنا على يوميات المصححين، التي تبدأ عند الساعة السابعة والنصف وتنتهي، في الساعة الثانية زوالا، وتفاجأنا بطريقة تعامل الأساتذة مع أوراق المترشحين، كما وقفنا على شدّة تركيزهم، بمركز حسيبة بن بوعلي، مع الأوراق كأن فوق رؤوسهم الطير، وهم يجلسون مثلما يجلس الممتحنون في البكالوريا وعددهم 25 أستاذا في كل قسم، حتى أننا خلنا للوهلة الأولى بأن الأمر يتعلق بامتحان رسمي وليس تصحيح امتحان.
وقد رافقت “الشروق”، أمس، الأساتذة المصححين، طيلة اليوم، وكان ولوجنا المركز متزامنا مع فترة الاستراحة، في حدود الحادية عشرة صباحا، وكانت مجموعة من الأساتذة بعضهم يرتشف القهوة والآخر الشاي، وبعض الحلويات، فيما كان مصحح آخر يدخن سجارته، وعبروا لنا عن ارتياحهم بأن الأمور تسير بشكل عادي، وكشف لنا أحدهم أنه قادم من تيزي وزو، فيما امتعض أستاذ آخر من حرمانه إدخال القهوة لقاعة التصحيح بحكم أنه مدمن على هذه العادة.
رئيس المركز، أحمد مغزي، قال لنا بأنه يستحيل إدخال القهوة لقاعة التصحيح، مؤكدا أن “الورقة التي بين يدي المصحح تمثل مصير المترشح، وعليه لا يمكن أن تدخل أكواب القهوة أو الشاي إلى قاعة التصحيح، لأن هذه العادة يجب التخلص منها في هذه المواقف، مخافة إتلاف ورقة المترشح وضياع محتواها”.
وتحدثنا إلى بعض المصححين، وسألناهم عن مضمون الإجابات ومستواها، فعبروا لنا عن ارتياحهم للظروف، كما استبشروا ببعض العلامات الجيدة المسجلة في أول يوم، وقالت السيدة براهيمي أستاذة في مادة الفلسفة والآداب أن “الأسئلة في المستوى، بدليل أنني وجدت مقالة متكاملة من حيث البناء المنطقي والمعارف والتنسيق، والتلميذ المترشح دافع عن رأيه بحجج قوية”، وعبرت عن انبهارها بقوة المقالة ومنحت تلك الورقة علامة 16.5 من 20، وأشارت المصححة أنها منحت في اليوم الأول 3 من 20 كأدنى نقطة.
من جهته، قال الأستاذ بغدادي، مدرس الفيزياء والكيمياء أن الأسئلة كانت من البرنامج وفقا لعتبة الدروس المحددة من قبل وزارة التربية، موضحا أن الظروف جيدة، وأفاد المتحدث أن لديه علامات تصل 18 و18.5 من 20 في الفيزياء، وأن أدنى نقطة لديه كانت 4 من 20، لكنه استبشر بأن تكون النتائج جيدة مقارنة بالأوراق التي خضعت لتصحيحه، وقال أن هناك إجابات في المستوى المطلوب.
من جهة أخرى، أكد مغزي رئيس مركز التصحيح، الذي وافق على زيارتنا، أن الشائعات عن تسريب الأسئلة لم تؤثر على السير العام للتصحيح، واعتبر أن استراحة الحادية عشرة تعطي نفسا جديدا للمصححين، فيما أكد أن استخدام الهاتف ممنوع إلا لحالات طارئة ويكون خارج القاعة وليس داخلها لتفادي التشويش على المصححين والحفاظ على تركيزهم، حفاظا على التقييم الجيد لإجابة التلميذ الممتحن، كما أن التنقل من قاعة لقاعة ممنوع.
وأطلعنا رئيس المركز -الذي كان حريصا على متابعة أطوار التصحيح- على بنك الأوراق، الذي تصطف فيه جميع الأظرفة التي تحتوي أوراق الإجابات، وقال أن مهمة نقل الأوراق تسند للمفتش المشرف على كل مادة، حيث توجد 13 لجنة تقابلها مواد الامتحان، ويبقى المفتش هو المسؤول عن تسليم الأوراق للمصححين واسترجاعها، وطمأن رئيس المركز الأولياء والتلاميذ المترشحين، وقال بأن الأوراق تخضع لتصحيح دقيق، حيث أن التصحيح الأول سيتبع بتصحيح ثان، وفي حال وجود فارق شاسع في التصحيح تخضع الورقة لتصحيح ثالث، مع مقابلة المصحح الأول مع الثاني لإظهار سبب الخلل.
وستتم عملية التصحيح في ظرف 10 أيام ويومين اثنين لمقارنة سلم التنقيط، أي 12 يوما، سيقوم فيها 644 مصحح على مستوى مركز حسيبة بن بوعلي بمعالجة 24 ألف و683 ورقة إجابة، وكل أستاذ لديه حصة 150 ورقة، في الأسبوع الأول ويمكن أن تضاف له 150 ورقة أخرى في الأسبوع الثاني، ويتقاضى الأستاذ -حسب مدير الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات- 35 دينارا عن كل ورقة مقابل 600 دينار لليوم كمنحة.
المصدر : جريدة الشروق