ان الانسان الذي يسعى للنمو الذاتي ، للنهج الأقصر وللتفتح الأسرع في سبيل الارتقاء و التفوق ... ينبغي أن يكون هو الباحث ، و موضوع البحث ، وحقل الأبحاث في الوقت نفسه ! في الفضاء اللامحدود طاقة لا تضاهيها أخرى هي الطاقة الكونية - طاقة الخلق (المعروفة قديماً باسم Prana - طاقة الحياة! ) تتجسد هذه الطاقة في الكون تحت اسم "الوجود"... و تتجسد على الأرض تحت اسم "الطبيعة"... و في الانسان تحت اسم "الحياة"... الدماغ ليس العقل، بل أداة العقل في الجسم البشري ... عبره يتصل العقل بالجسم لإيصال الرسائل و الأوامر إليه. الدماغ هو الآلة المنفذة لإرادة العقل، و وسيط التركيز الذهني. الدماغ أشبه بمرآة تعكس أعمال الفكر؛ و الفكر جزء من العقل، وظيفته وصل الجسد بالعقل، أي ربط الجسم المادي بالجسم العقلي (ذبذبياً عبر الدماغ). فالعقل جسم باطني خفي، ذو بعد وعي خاص به، شأنه شأن أبعاد وعي سائر الأجسام الباطنية، أو المكوّنات الخفية في الكيان الانساني.
من جهة أخرى، الدماغ ليس إلا وسيلة أو أداة لعمل الوعي. و الوعي يعبّر عن نفسه عبر الدماغ، لتظهر نتائجه أفكاراً و أحاسيس ومشاعر و انفعالات و تحركات في الكائن البشري. ليس ما توصلت إليه العلوم الطبية هو الحقيقة الكاملة! فالعلوم بأنواعها لم تسبر كنه الانسان بعد! الانسان عالم غريب مستقل، عالم مترامي الأطراف سحيق الأغوار ولامتناهي الآفاق... يحوي ما لا يخطر في بال العلماء! عالم الباطن فيه، أو العالم اللامنظور، أوسع من عالم الظاهر، و يحوي أكثر مما يحويه هذا الأخير!
في الانسان أعمق مما يرى بواسطة المعدات الالكترونية المتطورة... في الانسان أبعد مما يظن الطب أنه توصل إلى اكتشافه... في الانسان أشمل مما يعتقد أي عالم أو فيلسوف أنه تعرف إليه... و في الانسان كيان غامض، ما زال خفياً عن أبصار الأكثرية الساحقة من البشر ! هذا الكيان الغامض اللامنظور هو حقيقة الكائن البشري ، بل إن الحقيقة هي نبض وجوده... و هو الأصل الذي من خلاله يتوصل المفكر الباحث إلى الفرع ، أي الجسد المادي!
و هذا الكتاب يلقي الضوء على المجاهل في الانسان، و كيفية الافادة منها. كيان عظيم يحوي طاقات هائلة هو الانسان. لكنه لم ينفتح عليها بعد! طاقات قادرة على الانتقال عبر المكان، و التنقل عبر الزمان... قادرة على رؤية اللامنظور، و كشف المستقبل، و تخطّي الحواجز التي تشكل عائقاً في سبيل النمو الداخلي و الانطلاق الحضاري على مسار التطور الباطني! هذا هو الانسان؛ جسد و روح و بينهما عدة مكونات باطنية خفية تصل الروح بالجسد، أو عدة ابعاد وعي في وجود واحد! لكنه قادر على الانطلاق في كل هذه الأبعاد معاً ، مزامنة!!!
تتضافر في هذه الرواية العلمية الفريدة بمضمونها، عناصر عدة، لتقدم الى القارىء حقيقة ما يجري في دماغه… و لتكشف للطبيب سر ما غاب عن توصلاته… ولتضيف الى ثقافة طالب علم الذات عامة، و الايزوتيريك خاصة، معلومات جديدة من ضمن ما يتلقاه من معرفة ذاتية، وهو سائر على درب باطن نفسه!
الاسلوب القصصي و التبسيط العلمي اللذان اعتمدا في هذا الكتاب ، يجعلان من العلم وسيلة تثقيف… و من الطب معلومات حياتية… و من علم الحياة حقيقة يتوجب على كل شخص الإطلاع عليها! بهذه الوسيلة لم يعد العلم منوطاً بالحائز على شهادة جامعية، بل صار موسوعة ثقافة تقدِّم الى كل من تاق الى معرفة الإنسان، حقلاً اختبارياً يشرّع أمام كل من صبا إلى حقيقة الوجود!
لقد شاء الكاتب - الطبيب أن يقدم إلى القارىء حصيلة خبرته و معرفته من خلال "الرحلات" التي قام بها في مجاهل الدماغ البشري. و لأنه أرادها معرفة لكل قارىء، فقد استعاض عن الأسلوب العلمي الجاف ، بآخر أدبي نثري، ألا وهو السرد الروائي الذي يتميّز بالنفحة الأدبية الرقيقة و الوجدانية في آن. وذلك كي يقرّب الحقائق من الوعي العام، و يسهّل عملية استيعابها! يوضح الكتاب ايضاً ان الدماغ ليس العقل، بل اداته او وسيطه في عالم الجسد. العقل احد ابعاد الوعي او اجهزته في الانسان، هو ما يبرمج عمل الدماغ، فيما الفكر جزء من العقل .
منفول للفائدة