لم يكن الطفل عقابة أنيس ذو الـ12 ربيعا يدري أن أربع عمليات جراحية أجراها له طبيب جراح على عضوه التناسلي ستفضي إلى أربع سنوات من المعاناة، علما أن الجراح أخذه إلى عيادة الإحسان بباتنة، أين أجريت فيها العمليات مقابل 70 مليون سنتيم.
بعد كل ذلك تهرّب الطبيب من متابعة الطفل الذي لا يزال ملفه الطبي فارغا من أي متابعة طبية، ليبدأ الوالد، الذي لم تفارق الدمعة عينيه، رحلة البحث عن الجراح الذي صار متهما من طرف عائلة الطفل بأبشع التهم بأنه قضى على حياته كذكر، في عيادة تبرأت من طبيب وظفته كجراح للكبار.
ولد أنيس وله مشكل يتمثل في تشوه خلقي في عضوه التناسلي، ليبدأ الوالد رحلة علاج ابنه، لكن كل طبيب يعرضه عليه يُرْجِئُ العمليةَ إلى بلوغ الطفل سن الرابعة، وحين بلوغه السن القانونية، كوَّنَ الوالد ملفًا بعد أن أخبر من طرف الجراحين أن عملية ابنه معقدة، أراد الذهاب به إلى تونس، لكنه وجد صديقا له سنة 2004، وأخبره عن وجود طبيب جراح بعيادة الإحسان بولاية باتنة، أين تنفس الوالد الصعداء، وقصد بابنه العيادة لكون الطبيب الجراح ابن ولايته خنشلة، ليقرر الطبيب الأخصائي في الجراحة العامة إجراء العملية الأولى، ولم يتماثل الطفل للشفاء، ليتقرر بعد 6 أشهر إجراء عملية ثانية، وثالثة، ورابعة، ثم أراد الوالد ختانه، لكن اكتشف أن ابنه لم يشف من مرضه، وعلم أن الجراح ليس أخصائيا في جراحة الأطفال بل الكبار، ليتصل بالطبيب قصد متابعة حالة ابنه، بعد أن صرف مبلغ 70 مليون سنتم، لتبدأ رحلة معاناة الوالد والابن، فالطبيب منذ 2007 إلى سنة 2011 لم يرد على مكالمات الوالد، وصار يتحجج له بحجج واهية، وحتى حين نقل ابنه إلى عيادة بقسنطينة، رفقة ملفه الطبي وجد ورقة المتابعة لحالة أنيس فارغة، وليس فيها ما يدل على مرضه، ولا عملياته الجراحية. وبعد أربع سنوات من المعاناة يلتقي الوالد مع الطبيب وجها لوجه، ليقول له كلمتين: ''روح أشكي''، ليعود الوالد مناشدا الطبيب الجراح إكمال علاج ابنه الذي أصيب بانهيار، كونه يطلب من أبيه الاتصال بالطبيب ليكمل له علاجه، ويختتن، ويكون مثل أقرانه، وقد أعطى الوالد فرصة للطبيب ومسؤولي عيادة الإحسان مراجعة الأخطاء المرتكبة في حق أنيس، قبل ولوج أروقة العدالة التي أبدى الكثير من المواطنين استعدادا للوقوف مع والد أنيس في محنتهما.
لا وجود لـ''الإحسان''!وفي كل هذا تعلن العيادة الطبية ''الإحسان'' إفلاسها، وأغلقت أبوابها، ولم يعد فيها أحد، لا إدارة، ولا طاقما طبيا ولا شبه طبي ولا عمالا، وقد أكد لنا المتحدث أنه لم يعد هناك عيادة تسمى الإحسان، وأن العيادة الموجودة حاليا هي ''الإحسانيات''، ولا علاقة لها بـ''الإحسان'' التي صارت من الماضي.