تؤشر تفجيرات تيزي وزو وبرج منايل وكذا العملية الانتحارية الفاشلة بالثنية التي أجهضتها قوات الأمن، بأن الحصار الأمني المفروض على تنظيم دروكدال، جعل عملياته الإرهابية تجري في نطاق جغرافي محدود جدا، لم تخرج عن نطاق المثلث التقليدي بين محور البويرة، تيزي وزو وبومرداس، ما يعني أن التنظيم لم تعد له قدرة على التمدد عملياتيا وهو بصدد استعمال ما تبقى له من رصيده الحربي القديم.
بعد فشل عمليتين انتحاريتين كتلك التي شهدتها برج منايل والتي استعمَل فيها انتحاريين اثنين، وتمكّن قوات الأمن من إجهاض عملية انتحارية في الثنية كانت تستهدف الدخول إلى العاصمة، كان منتظرا، حسب متابعين للشأن الأمني، أن يقوم تنظيم دروكدال بعملية استعراضية جديدة يسترجع بها من جهة أنفاسه، بعد سلسلة من الضربات الموجعة التي تلقاها منذ بداية شهر رمضان جراء نجاح قوات الأمن في توقيف وقتل عدد من عناصره، ومن جهة أخرى يكسب بها ثقة عناصره التي اهتزت جراء فشل العمليات الانتحارية الأخيرة وعدم قدرة التنظيم على فك الطوق الأمني المفروض على منطقة نشاطاته، ما جعل العمليات الإرهابية لا تخرج عن نطاق ولايات ثلاث: البويرة، تيزي وزو وبومرداس، وتراجعها بشكل كبير في ولايات برج بوعريريج، بجاية، المدية والمسيلة.
ويشير التوقيت الذي اختير للعملية الانتحارية ضد مقر الشرطة في تيزي وزو، وهو موعد صلاة الفجر ونهاية الإمساك، إلى أن تنظيم دروكدال يريد تحقيق نتيجة تمحي إخفاقاته السابقة، حيث تنقص في هذه الفترة من الليل، أي الرابعة والنصف صباحا، اليقظة لانشغال المواطنين وأعوان الأمن بالفراغ من السحور والاستعداد لأداء صلاة الصبح، ما سهل على الإرهابيين تنفيذ عمليتهم الإجرامية من خلال استغلال هذه الظروف والعوامل لصالحهم. لكن بالرغم من ذلك، فإن حصيلة العملية الانتحارية لم تحقق أهدافها، حيث خلفت عددا من الجرحى أقل مما خلفته عملية برج منايل في شهر جويلية الفارط، واقتصارها على خسائر مادية في واجهات المساكن والمحلات وكذا مقر الشرطة.
وما يلاحظ في هذا السياق أن عمليات برج منايل والثنية وتيزي وزو، جرت كلها في فترة متقاربة لا تتجاوز شهرا واحدا، وهو ما يرجح أن كل عملية منها كانت ترمي إلى تعويض العملية الفاشلة التي سبقتها، بدليل أنه لم يسبق أن أخذت عمليات التنظيم الإرهابي هذا المنحنى البياني التصاعدي في ظرف وجيز فقط منذ سنوات ''الجيا'' في .94 هذه ''المجازفة'' التي يقوم بها دروكدال، في برمجة عمليات إرهابية متتابعة، لا تعني بالنسبة للمتتبعين للشأن الأمنى، سوى أن ما يسمى بتنظيم القاعدة يواجه حالة من الشلل ويعاني من نفاد في رصيده التجنيدي، وبالتالي فهو يبحث عن أي عملية استعراضية وذات صدى إعلامي يعيد بها رفع المعنويات المنحطة لما تبقى من عناصره.