أفادت مصادر مطلعة أن مشروع قانون الجمعيات، التي شرعت الحكومة في دراسته تحسبا لعرضه في الدورة الخريفية للبرلمان، شدد في المسائل المتعلقة بمصادر التمويل، والعلاقات مع الخارج، وكذا مطالبة الجمعيات بضرورة تقديم حصيلة دورية عن نشاطاتها الاجتماعية.
قالت نفس المصادر إن مراجعة قانون الجمعيات من طرف الحكومة، وهو المشروع الذي عرضه وزير الداخلية دحو ولد قابلية، يهدف إلى فرض مزيد من ''الشفافية'' في عمل ونشاط جمعيات المجتمع المدني، وإخراجها من حالة الملكية الخاصة لعدد محدد من الأفراد، إلى ضرورة استقطابها لشريحة واسعة من المواطنين. وعلى ضوء مدى مساهمة الجمعيات في تنشيط الحياة العامة والتكفل بالفئات والشرائح المعنية بها، يكون تدخل السلطات العمومية، من بلديات وولايات ووزارات، في ''دعم'' هذه الجمعيات ماديا. كما سدت الحكومة، في مشروعها، بعض المنافذ التي كانت تستغلها ممثليات دبلوماسية أجنبية في الجزائر أو منظمات غير حكومية في الخارج، ليكون لها حضور في توجيه سياسة بعض الجمعيات الوطنية، تحت تسمية ''الهبات والمساعدات''.
وتأتي هذه الشروط الجديدة المفروضة من طرف السلطات العمومية، حسب نفس المصادر، على ضوء التجربة المريرة التي وجدت وزارة الداخلية نفسها في الخط الأمامي في المواجهة مع المواطنين المحتجين، والتفاوض معهم، في ظل غياب جمعيات الأحياء وممثلي المواطنين، رغم أن كل الولايات تحصي المئات من الجمعيات المعتمدة لديها، وهو ما يعني أن هناك المئات من الجمعيات تقتات على ''ريع'' أجهزة الدولة، دون أن يكون لها تواجد فعلي في الميدان. هذه الوضعية جعلت الحكومة تفرض على مسؤولي الجمعيات، خصوصا التي تستفيد من ''مساعدات مالية''، أن تقدم برنامجا سنويا وحصيلة دورية عن ما قامت به من أعمال، سواء في مجال التكوين أو المساعدة أو التطوع وغيرها، وذلك حتى لا تبقى هذه الجمعيات مجرد تسميات على الورق فقط.
وينتظر أن يثير ملف قانون الجمعيات جدلا سياسيا ساخنا وسط نواب البرلمان والأحزاب السياسية، بالنظر لكون هذه الجمعيات ظلت بمثابة الخزان الذي تتمول منه الأحزاب والمنظمات بالإطارات أو المجندين أثناء فترات الحملات الانتخابية، وبالتالي فإن كل تشكيلة حزبية، بما فيها السلطة، تريد فرض هيمنتها عليها، وجعلها في خدمة أهدافها، وليس الأهداف التي أنشئت من أجلها.