موضوع: السيجارة المغرورة تتحدث عن نفسها 19.06.11 22:23
[size=9] لنستمع إلى سيجارة تتحدث عن نفسها، قالت أنا لفافة من التبغ، صغيرة الحجم، أنيقة المظهر، عرفت منذ قديم الزمان، لي أصدقاء كثيرون في كل مكان، ألبس رداءً جميلاً من الورق الأبيض، وأسكن داخل علبة أنيقة مزينة برسومات جميلة، وتجدني في كل مكان.
فأنا أحتل مركزاً ممتازاً في جيوب أصدقائي، وأستقر في مكاتبهم نهاراً، وتحت وسائدهم ليلاً، أشغل مكاناً كبيراً في واجهات المحلات ورفوف الدكاكين، وفي الإعلانات الضخمة ذات الألوان المضيئة.
أصدقائي يخلصون لي أشد الإخلاص، فيقدمونني إلى أحبائهم ومعارفهم، في كل المناسبات، في الأفراح والأتراح، ويبالغون فيي إكرامي فيصنعون لي علية من ذهب، ويضيؤون رأسي بولاعة من فضة.
لقد توطدت صداقتي مع الكثيرين منذ زمن بعيد، ذلك أن 90% من أصدقائي تعرفوا بي وهم أحداث في سن المراهقة، حيث وجدوا فيّ: شباعاً لغرورهم، وعلاجاً لمركب النقص فيهم، أظهرهم بمظهر الرجولة، وأوحي إليهم بالاعتداد بالذات، فيتباهون بي.
توطدت صداقتي معهم على مر الأيام والسنين، فأصبحت جزءاً لا أتجزأ منهم، ومهما طرأ عليهم من ظروف فإنهم لا يتركونني، لا في شفر ولا في حضر، لا في نعمة ولا في سقم.
مرض بعضهم ونصحه الطبيب بالابتعاد عني، لكنه فضّل البقاء في المرض على أن يغضبني.
منهم من أفلس واحتاج إلى القوت الضروري يمسك به رمقه، ورمق أولاده، لكنه ازداد تعلقاً بي.
أما عن قوتي وتأثيري، فحدّث ولا حرج: أحوي أكثر من 400 مادة كيماوية، لكل منها تأثيرها، أهم هذه المواد: النيكوتين، حامض البروسيك، والبيرودين، والاكرولين، والفورفورال، وغيرها.
وأضمن سيطرتي الكاملة على كل قوي الإنسان بسبب ما أملك من سلطان وقوة حتى لا يستطيع مني فكاكاً.
أما خط سيري، فلي طريق معين، أبدأ من أصابع اليد حيث أضع وصمتي عليها _ فلون الأصابع لدى المدخنين أصفر.
ثم أنتقل إلى الفم حيث أترك على الأسنان، فتبدو صفراء، والمدخن معرض لسرطان الفم.
ثم أتجه إلى الحنجرة فألهبها وربما تعرضت الحنجرة لورم خبيث، ومما يذكر أن مشفى المواساة بدمشق يجري سنوياً أكثر من مئة عملية استئصال للحنجرة بسبب التدخين.
ومن الحنجرة انـزل إلى القصبة الهوائية حتى أصل إلى الرئتين، فأحدث احتقاناً والتهاباً في أغشيتها المخاطية التي تشكو وتئن بصوت مرتفع يسمونه السعال الذي لا يتأثر بأي دواء من الأدوية المعروفة، وأحياناً أتسبب في إصابة بعض أصدقائي بسرطان الرئة، وقد طلب أحد الأطباء _ عندما شرّح جثة مدخن ميت _ طلب من الناس الذين حواله أن يشاهدوا رئة المدخن التي علاها طبقة سوداء من القطران، وأخذ يسلت بيده الرئة ويعصرها فيسيل منها القطران، حتى وصل إلى داخل الرئة فوجدها مسدودة الثقوب التي يتنفس بها الإنسان الهواء، والتي تسببت في موت هذا المدخن الأحمق الذي قتل نفسه بدخانه.
وقد طلب هذا الطبيب من أحد الحاضرين أن يشعل سيجارة وينفخ على قطعة بيضاء من الشاش، حتى اصفرت، وما زال الطبيب يطلب من المدخن تكرار النفخ حتى سدت ثقوب الشاشة، فالتفت الطبيب إلى الحاضرين قائلاً:
إذا كانت السيجارة استطاعت أن تسد ثقوب الشاشة بدخانها، فكيف بدخان مئات السجائر التي تدخل صدر المدخن ورئته.
وتتابع السيجارة حديثها:
ومن الرئتين أشق طريقي إلى الدورة الدموية حيث أترك رواسبي على جدارنها، فأصيبها بتقلص شرايين وتجلط في الدم.
ثم أصل إلى القلب فأزيد من عدد ضرباته وخفقانه، وبإمكاني أن أوثر على المعدة، فأفقدها الشهية ثم أصيبها بالإتهاب الذي قد يصل إلى التقرح.
وفي مقدرتي أيضاً أن أوثر على الجهاز العصبي فأجعله قلقاً مضطرباً، وعلى العينين فيصعب عليها رؤية الأشياء بوضوح.
حاول البعض أن يُضعف تأثيري، فوضعوا داخلي قطعة الفلتر، لكنها لم تستطع أن تحجز سوى أقل من 20% مما أحتويه.
تأثيري الأكبر على نفسية أصدقائي، فأوحي لهم باستحالة البعد عني، وأخيفهم، وأزعجهم من محاولة تركي، وبذلك تضعف مقاومتهم تدريجياً، ويفقدون ثقتهم بأنفسهم، فيستسلمون ويصبحون لي عبيداً أذلاء
[/size] [/size][/size]
معلومــــــــــاتي
جوليا
صورة شخصية
عضوة ملكية
بيانــــــــــاتي
بلدى :
الجنس :
المشاركات : 504
نقاط العضو : 522
نال الاعجاب : 4
التسجيل : 02/06/2011
موضوع: رد: السيجارة المغرورة تتحدث عن نفسها 20.06.11 23:20