كانت ابنة جاري معنا على مائدة العشاء.. كادت أن تضع اللقمة في فمها بيدها اليسرى..
نبهتها.. فوضعتها باليمنى ثم أكلتها.. شعرت ابنتي بالإحراج..
سألتني.. لتخفف من وطأة الأمر..
- هل صحيح أننا إذا أكلنا باليسار تأكل معنا الشياطين
نعم.. ففي الحديث أن صبياً كان على مائدة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكاد أن يأكل بشماله، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على يده.. يمنعه.. ثم قال: إن الشيطان أراد أن يستبيح طعامنا بهذا الصبي فإن يدي بيده بين الشيطان أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -
وكان - صلى الله عليه وسلم - يعلم الصبيان فيقول: سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك أي: من الجانب القريب منك، ولا تمد يدك إلى الجانب الآخر البعيد.. إذا كان الطعام من ذات النوع..
سألت ضيفتنا الصغيرة..
- وهل الشياطين تأكل وتنام؟! وتتكاثر؟!
الشياطين.. عالم من الغيب.. لا نستطيع أن نطلع عليه إلا من خلال ما أخبرنا به الله - عز وجل - في كتابه.. أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة.. فالشياطين هم العصاة من الجن.. وأبوهم إبليس.. والجن خلقوا قبل آدم.. يأكلون.. ويتكاثرون.. ويعيشون أعماراً ثم يموتون.. إلا إبليس.. فإن الله قضي ألا يموت إلى يوم القيامة كما في قوله - تعالى -: (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) ص: 79- 80..
وهم موجودون حولنا.. يروننا.. ويسمعوننا.. وربما باتوا في بيوتنا وأكلوا طعامنا.. إذا نحن دخلنا البيت ولم نذكر اسم الله.. وإذا أكلنا الطعام ولم نذكر اسم الله.. ويهربون من الأماكن التي يقرأ فيها القرآن.. لاسيما سورة البقرة.. ويهربون عند سماع الأذان.. ولكنهم لا يملكون سلطاناً على المؤمنين.. وإنما سلطانهم على الذين يتولونهم.. ويتعاونون معهم.. ويستعينون بهم..
بدا حديثي غريباً على البنتين.. رغم أنهما تجاوزتا الخامسة عشرة
- هل هناك من يتعاون مع الجن أو الشياطين؟! ولماذا؟
- نعم.. بعض الإنس يتعاونون مع الشياطين.. بأن يحققوا لهم ما يريدون من معصية الله.. ويقوم الشياطين بتحقيق ما يريده الإنس من خداع للبشر لأخذ الأموال.. وقد ذكر الله ذلك في سورة الجن، فقال - عز وجل -: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)الجن: 6..
فهؤلاء المشعوذون والسحرة والدجالون يأتون من الأعمال الشركية ما يرضي الجن فيلقى الشيطان إليهم بعض المعلومات الماضية.. مثل اسم الرجل واسم أمه وما حصل منه في الماضي.. فيظن الساذج من الناس أن هذا المشعوذ يعلم الغيب ويملك شيئاً من النفع.. فيستعين به مقابل أموال.. وهذا كله مما حرمه الله - عز وجل -.. سواء من جانب المشعوذ أو من جانب من أتاه يستشيره.. ويستعين به.. ولذلك حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من إتيان هؤلاء فقال: "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"..
- ولكن ياعم.. هل الجن بيننا الآن؟!
- وليكونوا.. أما الشياطين المؤذون فإنهم لن يبيتوا في منزلنا لأنني ذكرت الله عندما دخلت.. والجن الآخرون الصالحون لا شأن لهم بنا.. فإنهم مأمورون بطاعة الله واتباع هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم من الذين سمعوا القرآن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآمنوا به.. وآخرون من الجن لم يؤمنوا واتبعوا إبليس وهم يعملون على إغواء بني آدم.. ولكن الله يحفظ عباده من كيدهم وإغوائهم فلا سلطان لهم على الذين آمنوا.. والمؤمن يعلم يقيناً أن الشياطين لا تستطيع إيذاءه مادام في ذكر الله.. وإذا قرأ المعوذتين - حفظه الله - من كل شر..فالمؤمن لا يخاف..بل ولا يعبأ للشياطين.. لأنه في حفظ الله ورعايته.. وإذا أكل أو نام أو خرج إلى عمله أو رجع إلى بيته.. فهو في حفظ الله.. -فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين-. منقول للفائدة